توثيق الرياضة- هل كذبنا على التاريخ باسم التطبيل للمصالح؟
المؤلف: أحمد الشمراني08.10.2025

من حقك أن تمتدح وتشيد بمن تشاء، وأن ترفع من شأن من ترغب، وأن تناصر من تحب، لكن ليس على حساب لقمة عيش المحتاجين، ولا على حساب احترام وجهات النظر المختلفة. لقد وصلنا إلى عصر التنوير، حيث أصبحنا جزءًا لا يتجزأ من العالم، ولم نعد منعزلين على أنفسنا. ومن هذا المنطلق، يجب علينا أن نجلّ ونقدّر عقول الناس وآرائهم المتنوعة.
من حقك أن تعشق الأمير عبدالله بن مساعد وأن تفضلّه على غيره، فهذا حق أصيل لك، ولكن لا تزايد علينا، ولا تستغل حاجة الفقراء بالتلاعب بمشاعرهم من خلال عبارات رنانة وفخمة. هؤلاء البسطاء لا يهتمون بما ترمي إليه في حديثك بقدر اهتمامهم بفوز منتخبهم الوطني، وترسيخ مبادئ العدل والمساواة بين جميع الأندية الرياضية.
إننا نشاهد ونستمع إلى خطابات إعلامية متباينة ومتنوعة، بعضها جميل ومؤثر، وبعضها الآخر قبيح ومثير للاشمئزاز، وبعضها متشنج وغاضب، وبعضها معتدل ومتزن، ولكنها في نهاية المطاف، وبمفهوم التعددية، تظل آراءً جديرة بالاحترام وتستحق الدراسة والتمحيص. أما مصادرتها بحجة الحب للرئيس والعشق للمسؤول عن رياضة الوطن، فهذا ما يرفضه الأمير عبدالله بن مساعد قبل أي شخص آخر.
إن أولئك الذين يبررون اليوم أفعال لجنة التوثيق ويؤكدون أنه لا علاقة لها بما حدث للمنتخب، إنما يكذبون على أنفسهم ويقدمون لنا صورة زائفة ومغلوطة للواقع بأبشع صورها.
صحيح أن لجنة التوثيق وداعمها الأساسي، بل والراعي الرسمي لتخبطاتها، لم تكن السبب المباشر في الهزيمة على أرض الملعب من الناحية الخططية والتكتيكية، ولكنها بكل أسف أضرت بالوحدة الإعلامية والجماهيرية والتفافهم حول المنتخب، وأدخلتنا في صراع حاد انقسمنا فيه إلى معسكرين متناحرين، وتحول الجمهور بأكمله إلى مشجعين مع وضد.
لا يمكن مقارنة التفافنا ودعمنا للمنتخب قبل مباراتي أستراليا والإمارات بما حدث قبل مباراة اليابان وأثنائها وبعدها، فالفرق شاسع وواضح للعيان.
وهنا نسأل لجنة التوثيق والداعمين لها: كيف تفسرون ردة الفعل الباردة من قبل بعض الجماهير، بل معظمهم، بعد الخسارة أمام اليابان؟ وماذا يمكن أن تقولوا للجماهير التي سخرت منكم بعد هذه الهزيمة المريرة؟
نحن وأنتم جزء لا يتجزأ من هذا الواقع، فلا تتجاهلوا الحقائق الواضحة وتبرروا لأهداف التوثيق غير النزيهة التي أثرت سلبًا على منتخب هو ملك لنا جميعًا، وليس حكرًا على فلان أو فلان.
لقد زيفتم تاريخنا الرياضي العريق باسم التوثيق، فلا تكذبوا علينا باسم التطبيل لمصالحكم الشخصية على حساب رياضة الوطن التي نعشقها.
أتمنى من الإخوة الأعزاء في إدارة الإعلام والنشر في الهيئة أن يقدموا للأمير عبدالله بن مساعد ملفًا شاملاً ومتكاملاً عن ردود الأفعال الغاضبة بعد الخسارة أمام اليابان، لكي يطلع على حقيقة التوثيق الذي نال من حب الجماهير الكادحة لكرة القدم، وكيف عبروا عن استيائهم بشكل عفوي وطبيعي. وفي الأول والأخير، هي رسالة احتجاج أكثر من أي شيء آخر.
أما أولئك الذين يحاربون باسم الوطنية الزائفة، فهم يمارسون لعبة قديمة بالية لترهيب الناس وإخفاء أخطاء من يحبون تحت ستار الميول والانتماء.
أشعر باشمئزاز شديد وأنا أقرأ وأستمع إلى هؤلاء الذين لو فتشنا في تغريداتهم وآرائهم لوجدنا أن النادي الذي يشجعونه أهم عندهم من المنتخب الوطني بأكمله.
لست هنا واعظًا إعلاميًا يهدف إلى نشر الهدوء في جميع الملاعب، ولكنني على الأقل لا أتملق ولا أداهن المسؤول على حساب رياضة وطني وقضاياه المصيرية.